المعلم الحكيم GENERAL MANAGER
عدد الرسائل : 25 العمر : 36 الموقع : https://north.hooxs.com العمل/الترفيه : طالب المزاج : دبمن سعيد بوجدكم تاريخ التسجيل : 11/05/2008
بطاقة الشخصية المنتديات العامة:
| موضوع: سلالة التانغ الإثنين أبريل 20, 2009 6:42 am | |
| ] رابعاً. سلالة التانغ (618-906 م):
يُعتبَر هذا العهد العصر الذهبي للحضارة الصينية، وهو مرحلة مثمرة جداً للتاوية بصورة خاصة؛ إذ اعتبر أفراد هذه السلالة أنفسهم منحدرين مباشرة من الحكيم التاوي لاو تسه. ظهر فيها الطبيب Sun Ssu-miao الذي بلغ 101 سنة من العمر، متجاوزاً بذلك عدداًً من الأباطرة الذين خدمهم. ألف كتاب الوصفات القيمة Chian Chin Fang الذي شرح من خلاله عدة طرق لشفاء الجسم بواسطة التشي كونغ. ركز كثيراً على العلاج بالصوت وشرح بالتفصيل طريقة "سر المقاطع الستة" Six Syllable Secret. وقد أكد عالم آخر هو Ssu-ma Cheng Chen على ضرورة التركيز على الروح الأصلية الساكنة، الواردة في نصوص لا وتسه، وأن الطريق لإنعاش الطاقة الروحية ling-chi تمر من تسكين عقل ما بعد الولادة، وبمعنى آخر تعليق التفكير. فما دام الذهن (وخاصة قشر الدماغ) يعمل بأفكار عديدة مبعثرة تبقى الروح الأصلية للوعي الأعلى نائمة؛ ولكن عندما نسكِّن الذهن نسمح للروح الأصلية بالاستيقاظ وتحويل طاقتنا الذهنية إلى وعي أساسي صرف.
حاول بعض الخيميائيين من جديد اللجوء إلى طرق خارجية للحصول على الجوهر الثمين، مما أدى إلى وفاة الإمبراطور Hsien Tsung في مقتبل العمر بعد تناوله أقراصاً تم إعدادها من معادن ثقيلة. ومنذئذٍ تم إبعاد الطرق الخارجية إلى الأبد.
ظهر في هذه الحقبة أيضا أحد الوجوه الهامة جداً للحكمة الصينية، اعتُبِر واحداً من الثمانية الأزليين في التاوية، هو Lu Tung-ping. وقد أسهب في الكتابة عن الإكسير الداخلي وأهمية الخيمياء الداخلية. يقول لو تونغ بينغ: "يتألف الجسم البشري من جوهر وطاقة وروح، وتسمى هذه بالكنوز الثلاثة، لأن الاستنارة والتلقائية تأتي منها. ولكن للأسف قلة قليلة فقط من الناس تدرك هذه الكنوز الثلاثة. يتركز الجوهر فقط من خلال الطاقة، وينضبط كلا الجوهر والطاقة فقط من خلال الروح. إنعاش الطاقة هو حفظ للروح، وحفظ الروح يتم فقط من خلال إيقاف التفكير."
خامساً. سلالات السونغ واليو وان (960- 1368 م):
استمر تطور التشي كونغ في مرحلة السونغ، ونشأت مدرسة الواقعية الكاملة في التاوية، التي كان من أهم مؤسسيها Chang Po-tuan الذي أكَّد على الخيمياء الداخلية للكنوز الثلاثة، وعلى أنها السبيل الأساسي لطول العمر والصحة الممتازة والاستنارة الروحية؛ ولكنه أكَّد أيضاً على التغذية والأعشاب والتمارين الفيزيائية، وأخذ بنهج جنسي معين من أجل دعم الإكسير الداخلي. من أهم كتبه أسرار فتح المساري و الخواص الأربعمائة للإكسير الذهبي. وكان أهم كتبه على الإطلاق كتاب فهم الحقيقة. يقول تشانغ بو توان: "عندما لا تنظر العينان، ولا تسمع الأذنان، ولا يتكلم اللسان، ولا يشم المنخران، ولا تتحرك الأطراف، عندئذٍ نقول إن الطاقات الخمسة قد عادت إلى المصدر. عندما يتحول الجوهر إلى طاقة، والطاقة إلى روح، وتذوب الروح في الفضاء، نسمي هذا بتجمع الأزهار الثلاثة على قمة الجبل."
من الشخصيات الأخرى أيضاً الطبيب Wang Wei-yi الذي عالج الإمبراطور من داء خطير ألمَّ به بواسطة التشي كونغ والتأبير acupuncture، كان نتيجته أن الإمبراطور نفسه بدأ بممارسة التأبير، وبنى مركزاً امبرطورياً للبحث والتمرين. صنع وانغ وِيْ يي دمية النحاس التي حدَّد عليها نقاط التأبير والمساري الصينية كلَّها، وهي التي ما تزال مستعملة حتى يومنا هذا (شكل 7).
http://maaber.50megs.com/images2/qg07-acupoints.jpg
شكل 7 شكل 7: دميتان لرجل وامرأة تُستخدمان في تعليم مواضع نقاط التأبير
خلال حقبة السونغ الجنوبية قام المحارب الشهير Yueh Fei بتأسيس سلسلة جديدة من تمارين التشي كونغ، أشهرها ما يدعى اليوم بـ"قطع البروكار الثمانية" التي تعتبر كثيرة الاستعمال والشيوع اليوم في العالم بأكمله، ومن أكثرها فائدة وعملية لتحريض مرور الطاقة في الجسم كلِّه، مع تقوية العضلات، تمطيط الأوتار وتليين المفاصل.
خلال عهد سلالة يو وان المنغولية ظهر المعلِّم الكبير Chang San-feng، مؤسس نمط من التشي كونغ الحركي المسيري، الذي يُعتبَر بحق أكثر الطرق استعمالاً وشيوعاً في العالم أجمع، ألا وهو الـ Tai Chi Chuan. يقول تشانغ سان فِنغ: "يقال إنه عندما تزفر، تلامس السماء وتشعر بالانفتاح، وعندما تشهق تلامس الأرض وتشعر بالثبات. يرتبط الزفير بليونة التنين، ويرتبط الشهيق بقوة النمر. من المهم جداً ألا يتغير مركز انتباهك وتركيزك وأنت تنتقل بين الشهيق والزفير، بين الحركة والسكون. اضبط التنفس حتى تصل لحالة التنفس دون تنفس، أي تصير واحداً مع التنفس، وعندها يمكن للروح أن تتركز وللإكسير الداخلي أن يتكَّون."
سادساً. سلالات المينغ والتشينغ (1368- 1912 م):
كانت هذه الحقبة فترة تثبيت وجمع لكافة فروع التشي كونغ، من الفروع الطبية إلى الفروع القتالية إلى الفروع الدينية والتأملية. بدأت الاختلافات التطبيقية للتشي كونغ بين الفروع البوذية والتاوية والكونفوشية بالذوبان خلال تلك الفترة، بعد أن كانت النزاعات قد وصلت أحياناً إلى نزاعات حقيقية، وأصبح التشي كونغ طريقة أو منهجاً بحدِّ ذاته، متجاوزاً التقسيمات العشوائية. أكَّد معلُّمو التشي كونغ خلال حقبة المينغ والتشينغ على الوحدة الأساسية بين الأزلي والمؤقت، التنفس والطاقة، البدن والعقل، الحركة والسكون، وعلى ضرورة البحث عن الحقائق من خلال التجربة الشخصية، وليس التعصُّب لطريقة معينة ورفض كل الطرق والمناهج الأخرى، وبذلك وضعوا لتعاليم تا مو المذكور سابقاً تطبيقات عملية للقرن العشرين. وبهذا حقق التشي كونغ الانتشار العالمي له في الربع الأخير من القرن العشرين.
تأسَّس في هذه الحقبة أيضاً النمط الداخلي الثالث من الفنون القتالية وهو الـ pa kua chang، أو "راحة يد المثلثات الثمانية"، الذي يعتمد على القيام بمناورات دائرية مستمرة حول الشخص المقابل، مع حركات إيقاعية بالأطراف والجذع ودورانات رشيقة مبنية على التحويلات الدائرية للمثلثات الثمانية المستعملة في علم الـ I-Ching. من هنا، أصبح الـ tai chi chuan والـ hsing yi والـ pa kua chang الثلاثي الحقيقي في الفنون القتالية الداخلية التي يلعب التشي كونغ دوراً كبيراً فيها.
من أبرز وجوه التوحيد الذي حصل في تلك الحقبة بين فروع التشي كونغ العالم والكاتب Liu I-ming الذي قضى حياته في تجربة طرق متعددة، محاولاً تمييز الصحيح من الخاطئ، ومسهباً في كتابة خبراته الداخلية (جمع توماس كليري منتخبات من أعماله وترجمها للإنكليزية في كتاب اليقظة على التاو). يقول: "التاو فريد من نوعه، لا ثنوية فيه. فلماذا يقسمه الجاهلون إلى عالٍ ومنخفض؟ عندما نكتشف أن مبادئ الحكماء هي نفسها سنجد أن التاوية والبوذية متشابهتان. إذا لم نفهم منهجاً معيناً، ولكن بنفس الوقت بحثنا في المناهج الأخرى، سننحو إلى التطرف، ونضيع حياتنا في خيالات وهمية."
النتيجة الأخرى التي حصلت في نهاية هذه الحقبة هي زوال السرية التي أحاطت طوال الوقت بالتشي كونغ، بحيث صارت هذه الرياضة متاحة لكل من يرغب بممارستها. لكن هذا الانفتاح أتاح المجال طبعاً لبعض السلبيات ولبعض النظريات الخاطئة التي وقع في فخها بعض الناس. ومن الأمثلة عليها ما دعي بـ"ثورة الملاكمين"، حيث أقنعت الإمبراطورة Dowager وأتباعها المنشوريين مجموعة كبيرة من الفلاحين والمعدمين أنه بواسطة ممارسة بعض تمارين التشي كونغ والفنون القتالية تصير أبدانهم مقاوِمة لرصاص ومدافع الإنكليز بفضل الدرع الحديدي الذي تعطيهم إياه التشي أو الطاقة. وكان نتيجتها، بالطبع، وفاة الآلاف المؤلفة من هؤلاء البسطاء الحاملين للسيوف والرماح في وجه المدافع والدبابات الغربية!
سابعاً. العصر الحديث (1912- الوقت الحالي):
يتطور التشي كونغ اليوم بسرعة أكبر من أي وقت مضى، تدعمه البرامج العلمية في الصين والغرب. لقد ظلت فروع الفنون القتالية والتأمل تتطور، لكن التطور الواضح هو في مجال الطب. في نفس الوقت، ظهرت عدة صراعات بينه وبين الطب الغربي، كان أولها ما حدث في شنغهاي عام 1929، عندما عاد طلاب طب صينيين متمرِّنين على الطب الغربي في اليابان، وطالبوا بإزالة كل أثر للطب الصيني التقليدي من الوجود على أساس كونه خرافات من الماضي. تكونت بعدها لجنة من كبار أطباء الصين، وتقرر نتيجتها أن تستمر ممارسة الطب الصيني التقليدي، جنباً إلى جنب مع الطب الغربي. جاء الخطر الثاني بعد قيام الثورة الشيوعية وما دعي بـ"الثورة الثقافية" التي أرادت إلغاء كل ما يتعلق بالثقافة الصينية التقليدية، بما فيها الطب الصيني والتشي كونغ. ولكن، كما حدث سابقاً، حافظ الطب الصيني والتشي كونغ على وجودهما نتيجة دعم القواد الصينيين أنفسهم. لقد نُقِل عن ماو تسي تونغ قوله إن أهم هديتين قدَّمتْهما الصين للعالم هما المطبخ الصيني والطب الصيني! ويعتقد كثير من الغربيين أن طول العمر الذي يتميز به القادة الصينيون (على سبيل المثال: Deng Hsiao-ping الذي، رغم تدخينه اليومي المفرط للسجائر وعدم الاهتمام الجيد بالغذاء، عاش 92 عاماً من الصحة الممتازة) قد يكون سببه أن كل قائد صيني يعالَج يومياً، حتى بعد تقاعده، بطاقة أو تشي يصدرها أحد كبار معلمي التشي كونغ، بالإضافة إلى مستحضرات نباتية. يوجد الآن في الصين بعض المشافي التي يقدَّم فيها التشي كونغ كعلاج وحيد، سواء كممارسة شخصية أو تأثير ينبعث من معلمين اختصاصيين (شكل . وقد عالجت هذه المشافي عشرات آلاف المرضى، بما فيها أحياناً حالات متقدمة من السرطان، مع نسب نجاح تجاوزت أحياناً الطب الغربي أو العلاجات النباتية.
http://maaber.50megs.com/images2/qg08-healing.jpg
شكل 8 شكل 8: معالِج بالطاقة (تشي) يوازِن بطاقته الشخصية طاقة إحدى المرضى
2. المبادئ الأساسية للتشي كونغ والطب الصيني يقول Chang San-feng: "عندما تتحكم الحكمة بالرغبة نعيش طويلاً، أما عندما تسيطر الرغبة على الحكمة نموت سريعاً."
أولاً: مبدأ التاو
http://maaber.50megs.com/images2/qg09-ideogram.jpg
شكل 9 شكل 9: المقطع الكتابي الصيني الدال على التاو
لا يوجد بالحقيقة أي تعريف دقيق يستطيع وصف التاو؛ فهو يتجاوز كل التعاريف العادية. إنه اللامحدود، اللامنتهي، الأزلي، اللعبة الأبدية بين كل طاقات الطبيعة، الرقصة المتزامنة بين القوى الكونية الخارجية وبين انعكاساتها الداخلية في جسم الإنسان، الشعور المتجاوز للفردية خلال التأمل أو العمل الجنسي. والمقطع الكتابي الدالُّ على التاو في الصينية هو رمز الرأس، أو رمز "المشي" (شكل 9). كاسم، يدل على "طريق" أو "منهج"، بينما كفعل، يدلُّ على فعل "القول" أو "العلم". وباختصار فإن التاو، بحسب النصوص الصينية، هو مسيرة حياتية يصلها الإنسان عن طريق العقل وليس البدن، وهو مصدر كل معرفة حقيقية. يقول لاوتسه في كتاب التاو تِهْ تشينغ: "كان هناك شيء لا شكل له، ولكنه كامل، وُجِد قبل السماء والأرض. وبما أني لا أعرف له اسماً فقد أطلقت عليه اسم التاو."
http://maaber.50megs.com/images2/qg10-tao.jpg
شكل 10 شكل 10: دائرة التاي تشي، رمز التاو، محاطة بالمثلثات الستة
من كل العناصر الموجودة في الطبيعة الماء هو الأقرب إلى جوهر وصفات التاو، لذلك أصبح استعمال الماء في التمارين التخيُّلية بادياً بوضوح في التشي كونغ. فالطريقة التي يتحرك بها الجسم خلال التشي كونغ تشبه السباحة في الماء، والتنفس العميق البطني يشبه الحركة الدورية للأمواج. كذلك يعبِّر الماء عن العلاقة المتبادلة بين المادة والطاقة، بين السكون والحركة، وعن الخيمياء الداخلية: يتحول جوهر الين المائي المتركز في أسفل العجز ويسمو بواسطة هواء التنفس الذي يلعب دور المنفاخ من أجل تبخير هذا الماء وتنقيته وتحويله إلى طاقة ينغ (شكل 12). وهذه الطاقة ترتفع على مسار النخاع الشوكي، بقيادة العقل، إلى الرأس، حيث يتم تنقيتها أكثر لتغذي الروح. تقوم الروح بتكثيف البخار من جديد وتبريده ليسيل من جديد على القناة الأمامية كطاقة ماء ليتركز في حقل الإكسير السفلي dan tien أسفل السرَّة (شكل 11).
http://maaber.50megs.com/images2/qg11-centres.jpg
شكل 11: مراكز الطاقة بحسب الخيمياء الباطنية التاوية
التاوية Tao Chia في الحقيقة منهج حياتي أكثر منها ديناً. ولكن نشأ عنها شبه دين Tao Chiao بين القرنين الثالث والخامس كردٍّ على الاجتياح البوذي القادم من الهند. أما التاوية الأصلية فهي فلسفة غير إلهية (وغير أصولية) تستهدف فهم الطبيعة والكون وعلاقتهما بالإنسان. والحق أن التاوية هي، ربما، التنظيم الوحيد في العالم حالياً الذي يهتم بالممارسة أكثر مما يهتم بالتعليم والتبشير. فمن أهم مبادئ التاويين أن يختبر الإنسان التاو، لا أن يتكلم عنه. فكما يقول لاوتسه: "التاو الذي يمكن ذكره ليس التاو الأزلي."
ثانياً: مبدأ القطبية polarity
هناك مصدر أو طاقة إلهية بدئية وهي مصدر كل شيء مرئي وغير مرئي في هذا الكون. عندما تبدأ هذه الطاقة الخلاقة بأخذ طابع ما، يظهر قطبان تعبيريان تنبثق عنهما كل الثنائيات الموجودة في العالم. يُطلَق على هذين القطبين أو الثنائية أسماء مختلفة فقد نسميهما: الروح أو الأب، والمادة أو الأم. ومن امتزاج الأب والأم يولد الابن أو النفس. من الواحد نشأ الاثنان، ومن الاثنين نشأت الثلاثة، والثلاثة معاً تمثِّل الواحد. إن جوهر الأب أو الروح أو الينغ يتظاهر بالإيجابية والذكورة والسيطرة والحركة النابذة والمنطق، ويعبِّر عن رغبة التكوين، وبالتالي النمو؛ بينما يتظاهر جوهر الأم أو المادة أو الين بالسلبية والأنوثة والاستقبال والحركة الجاذبة والإرهاف في الإحساس والرعاية، ويعبِّر عن حكمة التركيز والجمع بين الأضداد من أجل رعاية بذور الخالق من أجل ولادة جديدة واستمرار الحياة (شكل 10). يحصل اتحادهما من خلال قوة الانجذاب أو المحبة، ويولد الابن أو النفس؛ والمحبة توحِّد وتؤدي إلى زوال العزلة. إن طاقة الإرادة طاقة كهربائية إيجابية أو سلبية؛ أما المحبة فهي طاقة مغناطيسية تجذب الأب نحو الأم، أو الذكورة نحو الأنوثة، أو الينغ نحو الين، وبالعكس؛ ومن اجتماع المحبة مع الإرادة تتولد طاقة كهرطيسية.
الجانب المشمس من الجبل هو الينغ، والجانب الظليل هو الين؛ النهار ينغ والليل ين؛ الشمس ينغ والقمر ين؛ إلخ. والينغ والين ليسا وجهان للطاقة، بل هما متكاملان تماماً في أي عنصر يتظاهران فيه، ويمكن للواحد منهما أن يتحوَّل إلى الآخر بسهولة (شكل 12)، كما أن الأرض تدور باستمرار، وتتغير زاوية الشمس، فيصير الجزء المشمس ظليلاًَ، والجزء الين الظليل ينغ مشمساً. في الجسم، تُعتبَر الأقسام العلوية والخارجية والخلفية من الجسم ينغ، أما الأقسام السفلية والداخلية والأمامية ين؛ الرأس ينغ، بينما العَجُز ين؛ الدم ين بينما الطاقة ينغ، الشهيق ينغ، بينما الزفير ين؛ الأفكار ينغ، بينما المشاعر ين.
http://maaber.50megs.com/images2/qg12-yin-yang.jpg
شكل 12 شكل 12: تحول الين والينغ كل منهما إلى الآخر
ثالثاً: مبدأ الثالوث
يوجد مبدأ الثالوث، كما نعلم، في عدة ديانات، كالديانة المسيحية، ولكن تأثيره واضح بالأخص في الديانات الشرقية التي تعتبر أن الصفات الأساسية للكون هي الفراغ والضياء والطاقة، وهي التي تعطي الفضائل الثلاث: الحكمة والمحبة والقوة. في البوذية هناك الجواهر الثلاثة للبوذا والدهرما والسنغها، وفي الهندوسية برهما وفشنو وشيفا، وفي التاوية يظهر الثالوث كونياً، بشكل مكبَّر، من خلال القوى الثلاث للسماء والأرض والإنسانية، وبشكل مصغَّر، في داخل الإنسان من خلال الكنوز الثلاثة للجوهر jing والطاقة chi والروح shen التي تقابل التظاهرات ما بعد الولادية للبدن والتنفس والعقل. تتوضع الجواهر الثلاثة في حقول الإكسير الثلاثة San dan-tien: الجوهر الأساسي يتوضع في الإكسير السفلي، أسفل السرَّة، ويرتبط بالغدد الجنسية؛ تتوضع الطاقة الأساسية في الإكسير المتوسط في الضفيرة الشمسية وترتبط بالغدد الكظرية؛ وتتوضع الروح الأساسية في الإكسير العلوي في مركز الرأس وترتبط بالغدتين النخامية والصنوبرية (شكل 11). يستعيض المنقول البوذي التيبتي، من جانبه، عن التنفس بالكلام، فيسمي التظاهرات الثلاثة البدن والكلام والعقل، لأنه يعتبر الكلام أهم تعبير عن الطاقة في الإنسان. من هنا الدور الكبير لترداد مقاطع صوتية معينة أو ما يدعى بالـ mantra في الرياضات التيبتية. هذا وتولي الطرق التاوية أيضاً أهمية كبيرة للصوت، لذا يحوي العديد من تمارين التشي كونغ طرقاً لاستعمال الصوت، كما في "سر المقاطع الستة" six syllable secret المستعمل في العلاج؛ وكذلك لاستعمال ألحان معينة لتنشيط وإحداث توازن في مراكز الطاقة الأساسية في الجسم المدعوة chakra في المنقول الهندي. تشكل القوى الثلاث san tsai والكنوز الثلاثة san bao أساس الخيمياء الداخلية التاوية، حيث يتم تحويل الجوهر إلى طاقة، والطاقة إلى روح، والروح تنسجم مع الصفات الثلاث للكون من فراغ وضياء وقوة.
رابعاً: الطاقات الخمس العنصرية the five elemental energies
http://maaber.50megs.com/images2/qg13-5elements.jpg
شكل 13 شكل 13: دائرة التاي تشي والمثلثات والعناصر الخمسة
تنقسم الثنائية الموجودة في الكون، بحسب التاوية، إلى خمس طاقات هي: الخشب والنار والأرض والمعدن والماء، التي ينجم عن تداخلها وتجلِّياتها كل الظواهر الموجودة في الطبيعة. يساعد كل عنصر العنصر الذي يليه، وتسمى هذه الحلقة بالحلقة المكوِّنة أو الحاثَّة. على هذا، يكوِّن الماء الخشب، الذي يولِّد النار، التي تولِّد التراب، الذي يشكِّل المعدن؛ وتكتمل الحلقة بتوليد الماء من جديد. ولعدم السماح لأي عنصر بتجاوز حدوده والخروج عن التوازن المطلوب هناك حلقة أخرى تدعى بالحلقة الناهية أو المثبِّطة، حيث تقوم إحدى الطاقات بنهي أو تثبيط فعالية طاقة أخرى. فالماء يحدُّ من النار، التي تثبِّط المعدن، الذي يحدُّ من الخشب، الذي يقلل التراب، الذي يكمل الدورة من خلال إعاقة الماء (شكل 14).
http://maaber.50megs.com/images2/qg...ment-cycles.jpg
شكل 14 شكل 14: الحلقتان الحاثَّة والناهية للعناصر الخمسة
ترتبط هذه الطاقات مع أعضاء مختلفة، بحيث يقابل عضو ينغ وعضو ين كل طاقة من هذه الطاقات. لهذا نشأت تمارين تشي كونغ مخصَّصة لكل عضو. فالقلب الضعيف يعطى تمارين لتنشيط طاقة النار، والقلب المفرط العمل، المتضخِّم، يعطى تمارين لتنشيط طاقة الماء التي تطرد النار الزائدة من الجسم. كذلك يمكن زيادة طاقة القلب بارتداء ملابس حمراء وتناول أطعمة مُرَّة. أما الطاقة الأرضية للطحال والمعدة فتُنشَّط بتناول أطعمة حلوة وارتداء اللون الأصفر. والطاقة المعدنية للرئتين والأمعاء الغليظة تنشَّط بترداد المقطع shee وارتداء الأبيض... إلخ. | |
|